السبت، 5 يونيو 2010

.: التحولات العاطفية في الحياة الزوجية :.


.: التحولات العاطفية في الحياة الزوجية :.


قد نجد الحديث عن شيء لم نخض غماره بعد صعبا أو مليئا بالخيالات المثالية، ومن الصعب على غير الطبيب المجرب التشخيص الدقيق الصحيح للحالة. وينطبق هذا الأمر بشكل كبير على من يتحدث عن الحياة الزوجية ، فالعاقل يقول: من يستطيع الحديث عن علم لم يتعلمه أو لم يجربه! ولكن إن تطرقنا إلى الواقع المشاهد في أغلب مشاهد الحياة، نجد أن "العزاب" الذين لم يخوضوا غمار الحياة الزوجية هم أكثر الناس حديثا عن هذه الحياة ، وبغض النظر عن مدى مصداقية حديثهم إلا أنه ذا أثر كبير على حياتهم المستقبلية، كان هذا الأثر إيجابيا أو سلبيا. وإن أتحنا الفرصة لـ"المتزوجين" أن يستمعوا لـهؤلاء العزاب فسيخرجون بابتسامة ساخرة من المثالية التي يتحدث عنها هؤلاء والتي رسموها في خيالتهم .. نقطة التحول بأن هؤلاء "المتزوجين" كانوا بالسابق عزاب يحملون نفس الأفكار والأفعال، فلماذا صار هذا التحول يا ترى !

ما دعاني لكتابة هذا المقال هو إلحاح الأسئلة وتراكمها علينا ، يا ترى كيف ستكون حياتنا العاطفية المستقبلية ؟ هل سنكون سعداء فيها ؟ أم أنه يجب علينا ترقب ظهور المشاكل؟ وإن كنا نتحدث كثيرا -في المنتديات على سبيل المثال- عن حلول لهذه المشاكل فهل سنستطيع حينها أن نتحكم بأنفسنا ونحل مشاكلنا بأنفسنا ؟! وما هو تأصيل هذه المشاكل ؟ من أين منبعها ؟ ولماذا يصل بعض الأزواج إلى مرحلة العجز عن حل المشاكل فيكون الحل الوحيد هو الانفصال والطلاق؟ مثل هذه الأسئلة تعتبر في بعض الأحيان من العيار الثقيل على بعض الأشخاص ، بحيث أن الاجابة تصبح صعبة كثيرة مع تقدم الوقت، ولو لم نسارع إلى تبيان أصلها قبل الزواج فيكون احتمال خوض غمار تجربة صعبة في الحياة الزوجية وارد جدا. ولهذا أكتب عن التحولات العاطفية في الحياة الزوجية، وقد أجد بعض السخرية :) من المتزوجين ، إلا أنني أدعوهم ليشاركونا خبرتهم في الحياة الزوجية ويصححوا لي أي خطأ قد أقع فيه من خلال فكري الطفل ..

وأميل إلى تقسيم هذه التحولات العاطفية إلى خمسة مراحل تكون بدايتها ما قبل الخطبة، وتنتهي بفترة المشيب وما بعد الموت.

. المرحلة الأولى : جبال الخيال :

وهذه بالضبط مرحلة المراهقة الزوجية ، وهي التي تسبق فترة الخطوبة ، فيها يصنع الرجل "فتاة الأحلام" وتصنع المرأة "فارس الأحلام" ، وتختلف الصنعة ، فالبعض يلتزم بقوانين العقل ويبتعد عن الخيال ، ولكن في أغلب الأحيان يرسم كل شخص من رفيق عمره انسانا كاملا .. كامل في أخلاقه، كامل في صفاته الخلقية، كامل في طموحه، كامل في دينه، كامل في كل ما يكترث له الشخص المقابل .. رسم هذه الصور ليس بالسيء إطلاقا، لأنه يعطي الشخص هدفا معينا من مواصفات شريك العمر وبفطنته سيصل إلى ذلك الهدف بالبناء المشترك مع ذلك الشريك .. وقد يقع البعض في وحل الفشل نحو الوصول إلى ذلك الهدف وهنا منحنى المشاكل الأول. اجتياز هذه المرحلة بنجاح يكون بالبحث الدقيق عن هذا الشريك ، والرضى بما قسمه الله عز وجل من نصيب لكل شخص ، فلن يجد أي رجل امرأة كاملة أو "فتاة الأحلام" ، ولن تجد أي امرأة الرجل الكامل أو "فارس الأحلام" .. إنما سيجد كلاهما إنسانا ناقصا ويجب عليهم أن يكونا أداة الكمال والتكميل للطرف الآخر .



بهذه المرحلة ، تنتهي فترة رسم الخيالات الكبيرة ، وتبدأ فترة التجربة حيث لا يجد أحد الزوجين مجالا كبيرا للتراجع خطوات إلى الخلف ..


. المرحلة الثانية: الانبهار:

يشاركني جميع الأزواج بأن هذه المرحلة هي العقد الذهبي التي يتحلى به كلا الزوجين ، وتكون بدايتها بكتابة عقد الزواج وحليّة الرجل للمرأة ، وقد اقترن كل شخص بـ فتاة/فارس الأحلام سيجد أن كل شيء في ذلك القلب كامل، وقد أستطيع التمثل ببيت الشعر الذي يقول ( وعين الرضى عن كل عيب كليلة ) وتتواصل هذه المرحلة في العادة إلى سنة من الزواج ، أكثر أو أقل من ذلك بقليل ، أو نستطيع أيضا القول إلى أول طفل في العائلة لما قد يحصل من التغيرات النفسية لدى المرأة بعد الانجاب ، وما قد يكون من جانب الرجل من تغير حال بمناسبة الاضافة الجديدة للعائلة (الطفل) ، وأضف إلى ذلك الضغوطات الاجتماعية والعملية، كل هؤلاء سيكون نقطة التحول من مرحلة الانبهار .. وكما أن لكل مرحلة إيجابيات كبيرة ، فأكبر إيجابيات هذه المرحلة هو رسم الخطط العائلية بكل إتقان وبكل إبداع بما يجده الزوجين من راحة نفسية واستقرار عاطفي بحت ، وأيضا تطوير جماليات الطرف الآخر والمساعدة في دفع عجلة التقدم العائلي إلى الأمام ..

. المرحلة الثالثة: الاستكشاف:

وهذه مركز العلاقة الزوجية ، فيها تظهر عيوب الطرف الآخر ، أو نستطيع القول حقيقة الطرف الآخر ، فنحن نعرف منذ البداية بأن كل شخص فيه نقصان ، ولكن مرحلة الانبهار جعلت من كل شخص انسان كامل المواصفات .. وتحتاج هذه المرحلة إلى فطنة من قبل الزوجين في التعامل ، وحذر كبير من إظهار عيوب الطرف الآخر ، لأنه لو أخطأ شخص بإظهار عيب قد تودي بالعلاقة إلى ما لا يحمد عقباه .. ربما لو تعمقنا في هذه المرحلة وخصائصها لوجدنا أننا باستطاعتنا أن نشبعها بالسلبيات -إن أردنا- و في الجانب الثاني إن أردنا أن نشبعها بالايجابيات فذلك ممكن أيضا. وكل هذا يعتمد على مهارة الزوجين في التعامل. إلى أي مدى يستطيع الطرفين غض البصر عن أخطاء الآخر، وإلى أي مدى باستطاعتهما أن يتقبلا نقصان الآخر. المشكلة الكبرى هو اعتراض هذه المرحلة مع مرحلة تنشئة الأطفال، وعلى الوالدين العمل معا من أجل تشكيل وحدة منظمة من خلالها ينشئا أطفالهما.

. المرحلة الرابعة: التعايش:

قد أستطيع اعتبار من يصل إلى هذه المرحلة نجح وبامتياز في تخطي عقبات المراحل الزوجية. لأنها هي مرحلة النضوج في الحياة الزوجية، حيث يعتبر الزوجين أن الأول مكمل للآخر ، وبدون الآخر يستحيل العيش أو يصعب ، ويوظفا جلّ اهتمامهما وقدراتهما في تنمية مصالح الطرفين بالاضافة إلى أطفالهما.. وهذه المرحلة في أغلب الأحيان يصل إليها الأزواج بعد سن الخامسة والثلاثين أو الأربعين.


. المرحلة الخامسة: الوفاء:

بامكان الزوجين في هذه المرحلة الاحتفال بذكرى زواجهما الخمسين بكل بهجة .. كم أحب عندما أجد زوجين وصلوا لهذه المرحلة حيث يحمل الأول الآخر فوق عينه وفاء على الصحبة التي دامت كثيرا كثيرا، تغلبا فيها على كل العقبات معا وعاشا كل مراحل العاطفة بحلوها ومرها ، وتركا وراهما إرثا هائلا من صنوف الوفاء الزوجي.. على كل زوج أن يعمل من أجل هذه المرحلة الجميلة ..





..............................


وبعد هذا الاستعراض للمراحل الخمس أرى أنه يجب الاشارة إلى أن المراحل الثلاث الأولى هي الأساس في كل شيء، يستطيع الزوجين من خلالهما بناء مستقبلهما ومستقبل أبنائها بكل فشل -إن أرادا ذلك- أو بكل نجاح إن عملا على ذلك .. وإن كانت المرحلة الثالثة (الاستكشاف) هي المرحلة الأصعب في الحياة العاطفية إلا أنها تبقى ألذ مرحلة يستطيع الزوجين أن يخرجا بأحلى نجاح منها .. فـ من رحم الصعوبات تستخرج أحلى النجاحات ..



محسن / 17-5-2010

هناك 3 تعليقات:

  1. تذكر أخي أن رغم أن الزواج رباط وعقد شراكة بين طرفين يفترض ان يستمر وينمو وقوى إلا أنه متأثر بأطراف عديدة في أحيان كثيرة تحدد اتجاهه وربما نهايته في أحيان أخرى ..

    ردحذف
  2. فعلا تحليلك كان شبه منطقي ولكن اخي هناك يبقى فرق بين المراه والرجل في أغلب المراحل ان لم يكن في جميعها.. ولكن وصفك كان فيه نوع من الانصاف لطرفين .. وهذا اكثر ما اعجبني

    ردحذف